أخر الاخبار



الشوارع شبه خالية ، هدوءٌ نسبي يعم المكان ؛ هي والقمر وبعض نسمات الهواء تراقص شعرها الأسود كسواد هذه الليلة وكحياتها المعتمة؛
كانت الفتاة المسكينة التي لم تكمل عقدها الثاني في مثل هذا الوقت وبعد منتصف الليل تجلس لتنظر من تلك الشُرفة التي بغرفتها ،
وفي وهلة ذهب بها عقلها رحلةٍ إلى الماضي أو بالأحرى إلى حاضرها وواقعها، وكأنها عادت للتذكر كمّ الألم الذي مرت وتمر به،
وتذكرت كل شيء!
تذكرت وصف صديقتها المفضلة لها بأنها قبيحة للغاية!
تذكرت تلك الليلة المؤلمة عندما أتى إليها والدها وهي في سن السابعة عشر متسللاً إلى سريرها خلسةً وهو متعاطي الخمور، ليخبروها بأنها المفضلة بين أبنائه ، وما لثم أن يفقدها عُذريتها!
تذكرت كره والدتها لها منذ ذلك الوقت عندما ذهبت لتخبرها بما حدث !
فاتهمتها " أنها فعلت ذلك مع آخر "!
تذكرت نظرة أخواتها الأكبر وأنها "فتاة مدللة للغاية وهذا ما جعلها لا تتعدى ذلك"!
تذكرت التفرقة بينها وبين أختها الأصغر لرؤيتها الأفضل!
تذكرت استغلال أخيها لها استغلال جنسياً خوفاً من أن يخبر والديها كذاباً بأنها تود أن تفعل ذلك الذي مافعلتهُ مع آخر ،
تذكرت ذلك الشاب الذي أحبتهُ سراً خوفاً من أن لا يتقبلها لما هي عليه..!
ولتعود من رحلتها على كلمات أخيها المؤذية:
"لماذا تجلسين وتبكين يا قبيحة قومي اخلعي ملابسك وتعالي بجانبي"
وهي تنظر لشيءٍ واحدٍ وهي الشرفة!
ذهبت مُسرعة إليها ، وصوت بداخلها يقول "لم يعد لديكِ شيءٌ لتفقديه ، إذا ألقيتِ بنفسك ستنتهي كل تلك المهازل والمخاوف التي لن تنتهي أبداً ، ستكونين حرة إلى الأبد "

وفجأةً يستيقظ والديها على صوت صريخ وكأن شيئاً يسقط من مكان عالٍ ثم يسقط على عربة!
ينظرون من تلك الشرفة الحزينة التي شهدت كل ليلة بكاء تلك الفتاة
قائلين :"اااااااه هي ابنتُنا"!!!

نجحت في أن تدون مآسيها ومعاناتها وتتجرأ على إخبار أوراقها قبل أن تنتقل إلى السماء.
ولتقرأ عائلتها ما دونتها ويعيشوا في عذاب الضمير المُستمر "إن كان لديهم ضمير" !

"لا تغفلوا عن أولادكم وأنجوا بهم وأحتضنوهم".
آلام خفية
| بقلم : ميار مصطفى من سوريا، حاصلة على شهادة تقديرية في مشاركتها بمسابقات مجلة شغف، صنف : القصة القصيرة.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -